كيف تستعدين للعزائم

الأكل في جماعة من الأمور التي يحثنا عليها الإسلام، ويحببها إلينا، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
” كلوا جميعًا ولا تفرَّقوا ، فإِنَّ طعامَ الواحدِ يكفِي الاثنينِ ، وطعامُ الاثنينِ يكفي الثلاثةَ والأربعةَ ، كلوا جميعًا ولا تفرَّقوا ، فإِنَّ البركَةَ في الجماعةِ “
وعن وحشي بن حرب -رضي الله عنه- أنَّ أصحابَ النَّبيِّ –صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ– قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا نأكُلُ ولا نَشبَعُ. قال: فلَعَلَّكم تَفتَرِقونَ؟ قالوا: نَعَمْ. قال: فاجتَمِعوا على طَعامِكم، واذكُروا اسمَ اللهِ عليه، يُبارِكْ لكم فيه.

وعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– يَقُولُ : ” حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ، رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ “

واليوم أحببت أن أشارككم بعدة نصائح تسهل عليكم تجهيز العزائم لدعوة أحبابكم إليها، فهيا بنا نبدأ…

أولا تحديد يوم العزومة

عند تحديد يوم العزومة -وكلامنا عن العزائم الكبيرة التي تحتاج لتجهيز- اعطي لنفسكِ فسحة من الوقت للتجهيز لها، فلا تحدديها في اليوم التالي مباشرة مثلا! وإنما يفضل أن تكون بعد أسبوع على الأقل، وهذا سيعطي فرصة لضيوفك أيضًا لتفريغ أنفسهم في هذا اليوم من أية مواعيد أخرى.

ثانيًا حددي الأصناف

يجب أن تحددي الأصناف التي تنوين تحضيرها مبكرًا، حتى يتسنى لكِ تحديد ما لديك من مكوناتها بالفعل، وما لازلتِ في حاجة لشرائه، ودوني كل ذلك بقلم وورقة أو على موبايلك.

وأثناء اختيار الأصناف احرصي على التنوع والتوازن في القيمة الغذائية، فلا تقدمي عزومة أغلبها نشويات مثلا، أو عزومة أغلبها لحوم إلخ… وإنما وازني بين العناصر الغذائية، بحيث يكون هناك صنف على الأقل من كل نوع: البروتين (لحوم، طيور، بحريات)، نشويات (أرز، مكرونة، مخبوزات)، فيتامينات ومعادن (خضار مطبوخ، وسلطات). بالإضافة للمقبلات والتحلية.

وانتبهي لعاملين آخرين شديدي الأهمية عند اختيار الأصناف، وهما سِعة الثلاجة عندك، وعدد عيون البوتاجاز، ومساحة الفرن.
فإن اخترت كل الأصناف من فئة الصواني، ستضعين نفسك في مأزق أن الثلاجة لا تسع تجهيزهم بشكل مسبق ووضعهم كلهم فيها، وكذلك الفرن لن يسعهم كلهم في وقت واحد، والنتيجة هي صواني تم طهيها وبردت، وأخرى لازالت في الفرن… وهكذا.

ثالثًا توزيع المهام على الأيام

المهام اللازمة للعزومة تنقسم إلى شقين، الشق الخاص بتنظيف وتجهيز المنزل، والشق الخاص بالطعام نفسه.
ومرة أخرى قومي بتدوين كل ما تخططين له باستخدام قلم وورقة، أو على موبايلك على حسب الأريح لكِ.

بالنسبة لتنظيف المنزل

يمكنك الاستعانة بالنصائح المفيدة التي قدمناها من قبل في مقالة التنظيف العميق للمنزل، والتي ستساعدك على وضع خطة فعالة لتنظيف المنزل، ستعرفين عند قراءتها أن واحدة من أهم النصائح هي تقسيم العمل على الأيام، فإن كان لديك أسبوع مثلا حتى يوم العزومة، رتبي مهام التنظيف على حسب ما يأخذ وقت أطول ويبقى نظيف لفترة أطول كذلك، مثلا الستائر، والنجف، والتنظيف العميق للحمام بالكامل. ودعي ما يتسخ سريعًا لليوم السابق للعزومة مثل مسح الأرضيات، وإعادة تنظيف الحمام لكن بشكل أسرع هذه المرة لأنك قمتِ بتنظيفه بعمق من عدة أيام فقط.
واحرصي على إنهاء شِق تنظيف المنزل في اليوم السابق للعزومة، لتفرغي نفسك لتجهيز الطعام فقط يوم العزومة.

بالنسبة لتجهيز الطعام

بعدما حددنا الأصناف والمكونات المطلوبة لتحضيرها، عليكِ الآن أن تشتري البروتين الحيواني في أول الأسبوع وأي شيء يمكنه تجهيزه بشكل أولي مثل التتبيل أو التقسيم، قومي بتجهيزه ثم تجميده في المجمد/الفريزر، وقبل العزومة بيوم أو يومين قومي بإنزاله أسفل البراد/الثلاجة بحيث يذوب ويكون جاهز على الطهي مباشرة.

الصواني مثل المكرونة البشاميل أو الجلاش باللحمة المفرومة يمكنك تجهيزهم قبل العزومة بيوم، عن طريق تحضير كل مراحلهم ورصهم في الصواني وتغطيتهم جيدًا ووضعهم في أسفل البراد/الثلاجة بحيث لا يبقى إلا وضعهم في الفرن يوم العزومة.

شراء الفاكهة والخضروات قبل يوم من العزومة، وطهي الخضروات التي تحتاج لطهي.

والمشروبات مثل الكركديه البارد مثلا أو قمر الدين يمكنك تجهيزها قبلها بيوم أيضًا.

وبالنسبة لعزومات رمضان، يفضل لو قمتِ بإزالة النواة من التمور للتسهيل على ضيوفك، وإن كان في نطاق قدراتك فمن اللفتات اللطيفة أن تقومي بحشوها بأحد أنواع المكسرات مثل اللوز أو البندق أو حتى الفول السوداني غير المملح.

وباختصار أي شيء يمكن تجهيزه قبل يوم العزومة، قومي بتجهيزه مسبقًا لتخففي الضغط عن نفسك قدر الإمكان، فمن المهم أن تعطي وقت للاهتمام بضيوفك بدلاً من أن تحبسي نفسك في المطبخ طوال الوقت.

يوم العزومة

جهزي السفرة وأدوات المائدة أثناء نضج الأكل على النار، حتى لا ترتبكي ما بين إحضار الطعام وتوزيع الأطباق والملاعق… إلخ

ويأتي الآن السؤال، كيف أحدد الوقت الأنسب للبداية في الطهي وتسخين الطعام بحيث يصبح كله جاهز في نفس الوقت المناسب؟
والإجابة في: التخطيط العكسي!
أي كالتالي:
إذا افترضنا أن العزومة هي عزومة إفطار في رمضان، فهذا يعني أن الوقت الذي يجب أن يكون فيه الطعام جاهز على المائدة هو أذان المغرب.
فإذا أردتِ أن تكون صينية المكرونة مثلا جاهزة على الأذان، وهي تحتاج لأربعين دقيقة في الفرن، فقد تظنين أنه من المناسب وضعها في الفرن قبل الأذان على الأقل بأربعين دقيقة!

لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فهناك بعض الاعتبارات التي يجب أخذها في الحسبان:

• عدد الأصناف التي ستكون على الموقد في نفس الوقت.
• عدد الأصناف التي ستدخل الفرن في نفس الوقت، وهل كلهم يتطلبون نفس درجة الحرارة؟
• الأصناف التي تبرد بسرعة (كالشوربة)، والأصناف التي تأخذ وقت طويل حتى تصبح قابلة للأكل (كالمكرونة البشاميل).
• الأصناف التي سيتغير طعمها إذا تم تحضيرها قبل وقت طويل (كالسلطة)، والأصناف التي لا يغير الوقت طعمها ولا يهم أن تكون ساخنة وقت التقديم.

بعد أخذ الاعتبارات السابقة في الحسبان، سنجد أن السلطة مثلا يجب أن تكون آخر شيء يتم تحضيره رغم أنها ليست أول شيء سيقدم، والتمور مثلا رغم أنها أول شيء سيقدم، لكن يمكن تجهيزها قبل الإفطار بوقت طويل.. وهكذا.

وتذكري ما قلناه عن سعة الثلاجة كذلك، فإذا ضربنا مثال بتحضير الماء البارد للإفطار عليه، ليكون جاهز وقت الإفطار، فيجب أن يوضع في الثلاجة قبلها بأربعة ساعات على الأقل، لكن إذا تذكرتِ ما قلناه منذ قليل عن إنزال ما في المُجمد/الفريزر ليذوب في أسفل الثلاجة، ستجدين أن أغلب الطعام الآن أصبح في أسفل الثلاجة! في حين أن المُجمِّد/الفريزر أصبح شبه فارغ، فمن الحكمة إذن تجميد الماء في عبوة أو كيس بلاستيك في المُجمد/الفريزر من الليلة السابقة، بدلا من البراد/الثلاجة، وقبل الإفطار تضعين الثلج في كمية من الماء ليبردها.

كما يفضل أن تستخدمي “كولمان/ أيس تانك” ليحفظ لكِ الماء بارد بكمية كبيرة لأطول فترة ممكنة إلى أن تنتهي العزومة على خير بإذن الله.

الخلاصة:

قومي بكتابة خطة للأسبوع السابق للعزومة عن طريق توزيع مهام التنظيف وتجهيز الطعام على الأيام.
وقومي بكتابة خطة أخرى ليوم العزومة تحددين فيها توقيت كل مهمة عليكِ عملها، بحيث يومها تتبعين هذه الخطة دون تفكير أو تشتت وارتباك.

وفي النهاية أذكر نفسي وإياكم أنه مع تحبيب الإسلام لنا الأكل في جماعة، إلا أن الله نهانا عن الإسراف في قوله الكريم:

“… وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) ” [الأعراف]
“… وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) ” [الإسراء]

فاحرصي على أن تكون الكميات كافية للحاضرين، لكن دون إسراف أو تبذير. وما يتبقى من الطعام قومي بجمعه بشكل نظيف ومرتب، وتخزينه لأكله في الأيام التالية ويمكنك استخدام أكياس ثلاجة للتخزين بدلا من الأوعية لتوفير مكان في الثلاجة أو الفريزر، كما يمكنك إعطاء الطعام الزائد لضيوفك يأخذوه معهم خاصة الأصناف التي أعجبوا بها، أو إعطاءه لأحد محتاج، وإن كان الأفضل إخراج الصدقات في البداية قبل تبادل الأيدي على الأكل وتغير حاله. أما لو كان في حالة غير ملائمة للحفظ والتقديم فيمكنك إعطاءه للحيوانات الأليفة حول المنزل.

أتمنى لكِ عزومة طيبة، وقضاء وقت ممتع مع من تحبين.

هل لديك نصائح أخرى تنفعك عند إعداد الولائم والعزائم؟
شاركينا إياها في التعليقات لإثراء الموضوع وتعميم الفائدة. 😊