من السهل أن ينخدع الناس بالمظاهر على شبكات التواصل الاجتماعي، ودعوني أخص بالذكر موقع وتطبيق انستجرام كمثال دقيق لما سأحدثكم عنه اليوم.
انستجرام حيث يختار كثير من الناس أسعد اللحظات ليشاركونا بها، في الوقت الذي يتجنبون فيه عرض الجوانب السلبية من حياتهم علينا، إما لعزة نفس ورفض للشفقة، أو رأفة بالآخرين المحملين بما يكفيهم من الهموم، أو أيًا كان!
ينشر هناك كثير من الناس أجمل اللقطات المقتطفة من حياتهم، لأحلى الأماكن التي مروا عليها أو سكنوا فيها، مع أقيم المقتنيات التي أكرمهم الله باقتناءها، وفي كثير من الأحيان يكتبون تعليقًا عليها عن لحظاتهم السعيدة ونجاحاتهم في مناحي الحياة.. بعضهم يفعل هذا من أجل المفاخرة، والبعض الآخر من أجل مشاركة الآخرين، والبعض الثالث من أجل نشر طاقة إيجابية، والبعض من أجل إدعاء واقع خيالي لا يعيشه حقيقة… إلخ
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، صورة تثير مشاعر مختلفة لدى المتابعين تتفاوت ما بين إعجاب وغبطة.. وحقد وحسد!
هذا الموضوع مثير للجدل لدرجة أن مصورة تايلاندية قامت بجمع بعض الصور لتؤكد على فكرة تعمد الكثيرين عرض الإيجابيات المحدودة داخل إطار الصورة على انستجرام، مع قص كل ما حولها من فوضى أو سلبيات لا يريدون مشاركة العالم بها!
فتثبت لنا أن ليس كل جميل وحالم يعرض داخل الإطار معبر بصدق عن الواقع من حوله.
وهذه بعض الصور التي التقطتها
في هذا العالم الافتراضي المصنوع من لقطات عدسات الكاميرا، قد يخيل للبعض أن هناك فئة من الناس خالية من المتاعب والآلام، وحياتهم رائعة لا تشوبها شائبة.
وينسون أن الدنيا ليست دار تنعيم وإنما دار اختبار واجتهاد، وكل الناس.. كل الناس بلا استثناء لديهم ما يألمون من أجله كل على قدر استطاعته ورقي نفسه.
يوجد نفوس ضعيفة يشقيها ويؤلمها أن ترى من حولها في خير فتحسد وتتمنى زوال النعم وتشقى بانشغالها بالناس وربما لم يكن سينالها نفس القدر من الحزن لو توفي شخص عزيز عليها مثلا، فهذا هو قدر نفسها وما يشقيها.
وهناك نفوس هشة تغبط الناس لكن يشقيها أنها لم تنل نفس حظهم في بعض مناحي الحياة وتغفل عما بين يديها.
وهناك نفوس قوية لا تنظر لما في يد الناس وتجتهد لتصبح أفضل من نفسها كل يوم لكن يؤلمها التحديات التي تواجهها.
وهناك نفوس راقية تتقبل كل الصعاب بصدر رحب ولا تشتكي لكن يؤلمها شقاء المسلمين في البلاد.
وهناك نفوس عظيمة يؤلمها ما هو أكبر من ذلك وهو شقاء البشر جميعًا ببعدهم عن الله، مثل نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا عنه ربنا في كتابه الكريم:
“لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ” 3 الشعراء
يجب ألا ننسى أبدًا أن كل منا لديه حظه من الحزن والآلم مهما بدا سعيدًا، وأن نتحرى ما بداخلنا ونرى ما الذي يؤلمنا؟ وأي نفس من النفوس هي نفسنا؟ هل هي من التي يؤلمها مستحقرات الأمور؟ أم عظامها؟
فننشغل بإصلاح أنفسنا، والاشفاق على من هم أضعف منا، والدعاء لنا ولهم بصلاح الحال.
أضيفي تعليقاً